سياح بمزاج خاص جدا....لجزائريون فى تونس

فى وسط الشارع الرئيسى بمنتجع الحمامات السياحى الواقع جنوبى العاصمة تونس تنبعث موسيقى الراى من عربة تحمل لوحة تسجيل جزائرية بينما يصعد شاب من فتحة سقف السيارة ملوحا بيديه وهو يصيح بلهجة فرنسية متقنة "فيف فيف ألجيري" اى "تحيا تحيا الجزائر"...

على مثل هذا الشكل او ما يشبهه تقضى أعداد واسعة من الجزائريين عطلتها فى الجارة تونس على امتداد فصل الصيف مضفية لونا جزائريا خاصا اينما حلت سواء بسوسة او الحمامات او بضواحى العاصمة.

ويأمل مهدى وهو شاب جزائرى قدم من العاصمة الجزائر الى الحمامات بعربته الخاصة عبر طريق برى من الحدود فى اكتشاف لذة الاصطياف والسياحة بعد ان حكى له اصدقاؤه عن "مغامراتهم وعن صيفهم المجنون" فى تونس.

يقول مهدى الذى لم يتجاوز عمره 31 عاما "نحن نحس اننا لسنا غرباء فى هذا البلد الجميل.. نشعر اننا فى وهران ولذلك نسمح لانفسنا بالتصرف بنفس الكيفية التى نتصرف بها فى الجزائر".

ويتدفق على تونس سنويا أكثر من 1.2 مليون سائح من الجزائر بحثا عن التمتع بجمال الشواطئ التونسية وأنس لياليها الصيفية بعيدا عن المشاكل الأمنية التى تعانى منها بلادهم بسبب ما تشهده من تفجيرات من وقت لاخر.

ويدر السياح الجزائريون الذين يحلون فى المركز الاول من حيث عدد الزوار القادمين الى تونس من مجموع ستة ملايين سائح يزورون البلاد دخلا هاما لصناعة السياحة هنا.

لكن سلوكات فئات غير قليلة من الشبان الجزائريين بتونس أصبحت مثار جدل هنا بين رافض لها باعتبارها تتضمن عنجهية واستهتارا وبين مرحب بها على اساس انها تصرفات تلقائية تشير الى الراحة التى يشعرون بها بين جيرانهم التونسيين.

ولا يخفى نزار وهو صاحب متجر بسوسة تذمره من سلوكات بعض السياح الجزائريين.

وبتأفف يقول "لم نتعود فى تونس على سياح بهذا الشكل وبهذا السلوك.. بصراحة لا اريد أن أعمم لكننا اصبحنا نعانى من هذه الظاهرة هنا بالذات فى سوسة".

ويقبل الشبان الجزائريون على حفلات موسيقى الراى الجزائرية او الجناوة الامازيغية بمهرجانات سوسة وقرطاج والحمامات وطبرقة ويضفون اجواء جزائرية خالصة وكثيرا ما يرفعون اعلام الجزائر ويرددون اغانى وطنية سواء داخل المهرجانات او خارجها.

لكن ما يثير استياء الكثير هنا بوجه خاص هو طريقة قيادة البعض لسياراتهم بشكل عشوائى او فى حالات سكر واضحة او تلفظهم بألفاظ نابية فى الطريق العمومي.

ولا يرغب جزائرى اخر اسمه عماد جاء لتونس برفقة زوجته وابنتيه لقضاء عطلة لمدة أسبوع فى ان يعمم الامر ويقول "للاسف هناك سلوكات غير مقبولة وغير مسؤولة شاهدتها من شبان جزائريين لكنها فئة قليلة لا يقاس عليها".

واضاف "ربما كرم الضيافة عند الناس هنا وشعور الجزائريين براحة كبرى جعلهم يتصرفون بحرية واسعة.. لكنى أجزم ان احدا منهم ليس لديه سوء نية تجاه اشقائه فى تونس."

غير ان بعض التونسيين يرون ان تصوير تصرفات الجزائريين بهذا الشكل امر مبالغ فيه.

يقول مختار وهو تونسى فى الخمسينات من عمره تعود على تأجير منزله لسياح جزائريين انه يفضل كراء منزله للجزائريين لرفعة اخلاقهم واحترامهم المواعيد وان سلوك البعض لا يعدو كونه سلوكا فرديا قد يحدث من اى شخص من اى بلد اخر ويجب الا يؤخذ بعين الاعتبار.

ويضيف انه بحكم عمله هذا اصبحت له صداقات عائلية مع كثير من الجزائريين الذين جاءوا الى تونس منذ سنوات.

وارتفعت فى العامين الاخيرين ظاهرة الزواج بين تونسيين وجزائريات والعكس بعد ان كانت مقتصرة على سكان المناطق الحدودية فيما اعتبر مؤشرا قويا على التقارب والانسجام بين طبائع وتقاليد البلدين.