تحليل الكولسترول في الدم.. خطوة أساسية
إشكالية الكولسترول هي حينما توجد كمية عالية منه في الدم
تُؤكد نتائج الإحصائيات العالمية على أن أمراض القلب لا تزال السبب الأول للوفيات العالمية السنوية، لدى النساء ولدى الرجال، وفي شرقي العالم وغربه، وشماله وجنوبه. وتُشير الحقائق الطبية إلى أن خطورة احتمالات الإصابة بمرض شرايين القلب أو جلطة النوبة القلبية ترتفع كلما ارتفعت نسبة كولسترول الدم. والواقع أن نسبة كمية الكولسترول في دم الإنسان تُؤثر بشكل بالغ في مدى احتمالات إصابته بأمراض شرايين القلب أو الدماغ أو الأطراف أو بقية الجسم.
الإصدار الثالث لتقرير لجنة الخبراء في "البرنامج القومي الأمريكي للتثقيف بالكولسترول" يقول: من الثابت اليوم أن الارتفاع في "كمية كولسترول الدم" يُصنف كأحد العوامل "الرئيسية" في رفع خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب.
ووصف أمر ما، في العبارات الطبية، بأنه "عامل خطورة" risk factor لمرض ما، يعني أن وجود ذلك الأمر لدى إنسان ما، وفي وقت ما، يرفع من احتمالات إصابة بذلك المرض المعني بالطرح.
الكولسترول والصحة
* ومنذ أن تم اكتشاف علاقة السبب بالنتيجة في ما بين ارتفاع الكولسترول وبين ظهور الإصابة بأمراض شرايين القلب والدماغ والأطراف، والجهود الطبية متجهة نحو أمرين مهمين. الأول تعميق فهم تلك العلاقة، وبالذات تأثيرات ارتفاع أو انخفاض الأنواع المختلفة من الكولسترول والدهون الثلاثية. والثاني، إيجاد الوسائل الأفضل لمعالجة تلك الاضطرابات في الكولسترول، بُغية حماية أرواح الناس وقلوبهم. والوسائل تلك منها ما هو دوائي، ومنها ما هو مرتبط بأسلوب نمط عيش الحياة اليومية، ومنها ما هو مرتبط بأنواع وأصناف الأطعمة التي يتناولها الإنسان.
ومعرفة أحدنا، مهما كان تخصصه التعليمي أو نوعية عمله أو عمره أو اهتماماته الحياتية، بجوانب أساسية في علاقة الكولسترول بصحة الجسم، يُعتبر من أساسيات البحث عن سلامة الحياة وأعضاء الجسم.
وقديماً كانت أولويات المعرفة الصحية تتعلق بالوقاية والمعالجة المبدئية من إصابات الحوادث والجروح والحروق وأذى الحيوانات وكيفية معالجتها المبدئية، واليوم تُضاف إلى تلك الأمور المهمة أمور مهمة أخرى، مثل الكولسترول ومرض السكري والسمنة والاكتئاب والقلق وغيرها من أمراض العصر البالغة الضرر.
أهمية الكولسترول
* الكولسترول مادة شمعية صفراء. وبالرغم من أنها شبيهة بالدهون في الهيئة، إلاّ أن من المهم معرفة أن الكولسترول يختلف في التركيب الكيميائي عن عموم الدهون والزيوت المعروفة.
ونظراً للـ "سمعة السيئة" للكولسترول، قد لا يُفاجأ البعض بمعرفة أن من الضروري وجود كمية طبيعية من مادة الكولسترول في جسم الإنسان. ذلك أن الجسم يحتاج إلى مادة الكولسترول في أربعة أمور أساسية، وهي:
* بناء جدران قوية ومتماسكة لخلايا الجسم، كي تحميها وتحفظ مكوناتها الداخلية.
* يستخدم الجسم مادة الكولسترول في إنتاج بعض الهرمونات الأساسية، كالهرمونات الجنسية لدى الذكور والإناث، وهرمون "فيتامين دي".
* الكولسترول مادة أساسية في تكوين أجزاء من تراكيب خلايا الجهاز العصبي.
* يستخدم الكبد الكولسترول لإنتاج "أحماض المرارة". وهي أحماض يُفرزها الكبد في عصارات المرارة. ومعلوم أن هذه الأحماض تُسهل على الأمعاء امتصاص الدهون وامتصاص الفيتامينات الدهنية، أي فيتامينات إيه A وإي E وكيه K ودي D .
وإشكالية الكولسترول ليست في مجرد وجود كميات طبيعية منه في الجسم، بل هي حينما تتواجد في الدم، والجسم، كمية عالية من الكولسترول. لأن هذه الكميات الفائضة من الكولسترول لا يستهلكها الجسم ولا يحتاجها. وككل شيء "لمّا يزيد عن حده فسينقلب ضده"، فإن ارتفاع كمية الكولسترول في الجسم ستدفع تلك الكميات الفائضة منه نحو الترسب ضمن طبقات جدران الشرايين.
ترسب الكولسترول
* ومع استمرار ارتفاع كمية الكولسترول في الدم، وبفعل عوامل متعددة، كالتدخين وارتفاع ضغط الدم ووجود مرض السكري وتدني النشاط البدني اليومي والوراثة، يزداد بشكل أكبر ترسب الكولسترول في جدران الشرايين. وهو ما يُؤدي إلى أمرين:
الأول: تتكون في جدار الشريان، أياً كان مكانه في الجسم، كُتل من الكولسترول. وكتلة الكولسترول هذه، تعمل على تضييق مجرى الدم عبر الشريان. وبالتالي يقل تدفق الدم إلى العضو الذي يعتمد على ذلك الشريان في تغذيته وإمداده بالأوكسجين.
الثاني: يفقد جدار الشريان خاصية المرونة الطبيعية له في التوسع والتمدد. ومعلوم أن أعضاء الجسم تحتاج في أوقات دون أخرى إلى مزيد من تدفق الدم إليها. وهذه الزيادة في تدفق الدم تعتمد على وجود خاصية مرونة جدار الشريان. وحينما تفقد جدران الشريان مرونتها، فإن الدم لا يزداد تدفقه عند الحاجة، وحينها يظهر نقص في قدرة العضو ذاك عن أداء وظيفته أو أنه العضو يبدأ بإعلان الشكوى للجسم من نقص تزويده بالدم.
وبحصول هذين العنصرين تتكون حالة مرضية تُدعى "تصلب الشرايين". وهي حالة تختلف مظاهرها في شرايين أعضاء مختلفة من الجسم.